خطوة تاريخية نحو حقوق المرأة.. جزر فارو تقر الإجهاض حتى الأسبوع الثاني عشر

خطوة تاريخية نحو حقوق المرأة.. جزر فارو تقر الإجهاض حتى الأسبوع الثاني عشر
احتجاجات نسائية في جزر فاو بشأن حقوق المرأة

صوّت برلمان جزر فارو يوم الخميس لصالح قانون جديد يسمح بالإجهاض حتى الأسبوع الثاني عشر من الحمل، في خطوة وصفت بالتاريخية بعد أن ألغت هذه التعديلات قانوناً عمره عشر سنوات كان يحظر الإجهاض في معظم الحالات، وكان القانون السابق يسمح فقط بإجراء الإجهاض في ظروف محددة مثل حالات الاغتصاب أو وجود خطر على صحة المرأة الحامل، ما جعل الجزر من بين أكثر المناطق الأوروبية تقييداً في هذا المجال.

نقاش برلماني محتدم

جاء التصويت بعد نقاش ساخن داخل البرلمان، حيث أيد القانون 17 نائباً مقابل 16 ضد، ما يعكس الانقسام المجتمعي حول قضية الإجهاض، واعتبر إنجيلين ديدريكسن ستروم، أحد مقدمي مشروع القانون، أن هذا اليوم يمثل لحظة تاريخية لجزر فارو ويؤكد استقلالية المرأة في اتخاذ القرارات المتعلقة بجسدها، وأضاف أن القانون الجديد يضمن الوصول إلى رعاية صحية آمنة ويحمي الحريات الشخصية دون وصمة أو تجريم، وفق شبكة “بي بي سي” البريطانية.

آلية الإجهاض والقيود الجديدة

وفق القانون الجديد، لا يمكن إجراء الإجهاض إلا ضمن شروط محددة تشمل حالات وجود مشاكل صحية خطيرة للجنين أو إذا كانت المرأة غير قادرة على رعاية الطفل، ويخضع تقييم هذه الحالات لقرار طبي مزدوج يشمل الطبيب العام وهيئة طبية ثانية. ويواجه كل من المرأة والطبيب عقوبات بالسجن إذا لم يتم الالتزام بالشروط القانونية.

أشاد نشطاء حقوق المرأة بهذا التغيير، معتبرين إياه خطوة كبيرة نحو تمكين النساء، وقال بيورت ليند من مجموعة فريت فال المناصرة لحق الاختيار إن القانون يمثل تحولا كبيرا ويكسر صمت المجتمع المحافظ حول موضوع الإجهاض. 

وأكد فرع منظمة العفو الدولية في جزر فارو أن القانون الجديد يحمي حق النساء في الإجهاض الآمن ويزيل الحاجة إلى السفر إلى الخارج لإجراء هذه العمليات المكلفة.

سياق إقليمي ودولي

يعاني سكان جزر فارو من محدودية الوصول إلى خدمات الإجهاض، ما كان يضطر العديد من النساء للسفر إلى الدنمارك، حيث يسمح القانون بإجراء الإجهاض حتى الأسبوع الثاني عشر، وتمتد حتى الأسبوع الثامن عشر عند الطلب بعد التعديلات الأخيرة، وفي أوروبا، تسمح نحو 43 دولة بالإجهاض عند الطلب في المراحل المبكرة من الحمل، في حين لا تزال خمس دول فقط تحتفظ بقوانين مقيدة للغاية.

المعارضون والقيم المحافظة

جادل معارضو القانون بضرورة حماية حقوق الجنين، معتبرين أن التغيير يمثل تهديداً للقيم التقليدية للمجتمع. وأكد عضو البرلمان إيرهارد يونسن، أحد الذين صوتوا ضد مشروع القانون، أنه يحترم القرار لكنه يشكك في الدعم الشعبي للقانون، محذراً من محاولات مستقبلية لإعادته، وتعيش جزر فارو مجتمعاً محافظاً نسبياً، حيث ينتمي أكثر من ثلاثة أرباع السكان إلى الكنيسة اللوثرية، ويبلغ تعدادها نحو 56000 نسمة.

جزر فارو منطقة ذات حكم ذاتي بين اسكتلندا والنرويج، وتتمتع بهوية ثقافية ولغوية مميزة، شهدت السنوات الماضية عدة محاولات لتحديث قوانين الإجهاض، لكنها كانت غالباً تفشل بسبب الانقسام المجتمعي بين مؤيد ومعارض، يعكس القانون الجديد تحولا تدريجياً في المجتمع تجاه الاعتراف بحق المرأة في اتخاذ قراراتها الصحية، كما يتماشى مع الاتجاه العام في دول الشمال الأوروبي نحو توفير رعاية صحية آمنة وشاملة للنساء في مراحل الحمل المبكرة.

وقد تصاعدت في السنوات الأخيرة المطالب بتعزيز الوصول إلى خدمات الإجهاض الآمن والميسر بوصفه جزءاً لا يتجزأ من حق الصحة والكرامة، وعلى المستوى الأوروبي، تقدّمت مبادرة مواطنين باسم "صوتي، خياري" بعريضة تحمل أكثر من مليون توقيع تطالب بآلية تمويل أوروبية لتوسيع القدرة على توفير خدمات الإجهاض الآمن لمن لا تتوفر لديهم هذه الإمكانية داخل دولهم، والهدف المعلن هو سد فجوة وصول واسعة تُقدَّر بأنها تحرم عشرات ملايين النساء من خيارات طبية آمنة.

تُظهر بيانات أممية أن الإجهاض الآمن يحفل بمخاطر منخفضة للغاية مقارنة بالإجراءات غير الآمنة، بينما ترتفع معدلات الوفيات والمضاعفات في مناطق تُجرى فيها عمليات إجهاض غير آمنة، وتقدّر جهات أممية أن نسبة كبيرة من عمليات الإجهاض عالمياً تبقى غير آمنة، ما يؤدي إلى حالات وفاة ويطالب المجتمع الصحي بتقليل الحواجز القانونية والإدارية أمام الرعاية الآمنة لأنها وسيلة مثبتة لحماية الحياة والصحة، وفق منظمة الصحة العالمية.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية